أقسام المدونة

الأحد، 21 أبريل 2013

كيف تغيرت رؤية الناس؟


حدثان مثيران وقعا في أقل من نصف يوم، انفجار قتل ثلاثة في مدينة أمريكية، وزلزال ضرب إيران وهزّ أيضا كل الخليج بشكل مرعب.

كلنا نعرف أنه منذ أكثر من 11 عاما، أي منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والولايات المتحدة تعيش حالة توجس واستنفار مستمرة، واستطاعت أمنيا حماية أراضيها، أما إيران فقد استمرت تبني مشروعها النووي رغم التحذيرات من مخاطره السياسية والعسكرية والبيئية على المنطقة.

إذا كان الإرهاب والنووي الإيراني حدثين قديمين مستمرين فما الجديد؟

الجديد في رؤية الناس وتعاملهم التلقائي مع الحدثين، عندما وقعت هجمات سبتمبر آنذاك كان الرأي العام العربي والإسلامي يميل إلى لغة اعتذارية، وكان هناك من يبرر، والبعض كان يدافع عن تلك الجرائم، أيضا كانت إيران ومشروعها النووي يحظيان بالإعجاب والقبول من قِبل قطاع كبير من العرب، بمن في ذلك عرب الخليج، لكن خلال السنوات وتوالي الأحداث تغيرت الصورة بشكل عكسي تماما، فالغضب والخوف من أنباء تفجير بوسطن كانا أبرز ما ميّز مشاعر الناس هنا في العالم العربي، وبشكل صادق وحقيقي، الغالبية الساحقة تكره الجماعات الإرهابية وتكره أن تلصق بها، بعد أن كان هناك في الماضي من يدافع بحماس عنها، تغيّرت مفاهيم عامة الناس حيال هذه الجماعات، سواء أكانت هي المسئولة عن تفجير بوسطن أم لا.

وقبل ذلك سارعت معظم المؤسسات الدينية السورية، وكذلك شخصيات سورية إسلامية إلى استنكار بيان "القاعدة" الذي أعلنت فيه ارتباط جبهة النصرة بها.

من كان يتخيل هذه المواقف الصريحة الشاجبة التلقائية قبل عشر سنوات؟ آنذاك كنا قلة نشجب "القاعدة" وجرائمها، ولم يكن سهلا أن نجد من يجرؤ على التعبير برفض "القاعدة" خشية الرأي العام المغسول دماغه من قبل الجماعات المتطرفة، أما اليوم فإن الأغلبية تعبر بصدق عن أنها ضد هذه الجماعات المسلحة المشبوهة فكرا وسياسة، وهذا يفسر لماذا وجّهت الجماعات الجهادية المتطرفة في سوريا -مثل جبهة النصرة- تعليمات لمقاتليها بألا يظهروا على الإعلام، ولا يكشفوا عن جنسياتهم، إنهم يعلمون أن التطرف صار صفة مكروهة ومنبوذة وقد تقلب الرأي العام ضدها.

أما بالنسبة إلى إيران ومشروعها النووي فقد كان العرب ينظرون إليها بإعجاب وتقدير، هذا كان في الماضي، أما اليوم فقد أصبحت إيران أكثر دولة مكروهة عندهم، بعد أن انكشفت حقيقتها، إنها دولة تسعى للهيمنة على العالم العربي، مستخدمة الإسلام والقضية الفلسطينية كوسيلتين للتغلغل والسيطرة، مشروعها النووي أصبح محط غضب، خصوصا لدى جيرانها عرب الخليج، بعد أن ضرب زلزالان إيران، في فترة قصيرة، وخرج عشرات الآلاف من سكان دول الخليج إلى الشوارع بعد أن رجّ مدنهم زلزال إيران.

لم يعد القلق من الزلزال نفسه، بل إشعاعات مفاعل "بوشهر"، وغيره من المراكز الإيرانية.

خوف حقيقي من مشروع إيران النووي الذي بات يصدق الكثيرون أن هدفه الحقيقي هو تفوق نووي عسكري لنظام المرشد آية الله خامنئي، يستهدفهم في الخليج وليس ضد إسرائيل، وبالطبع ليس هدفه إضاءة البيوت في إيران كما يزعم النظام الإيراني.

يا لها من مصادفة عجيبة! انفجار بوسطن مع زلزال إيران، حيث كشفا عن مشاعر حقيقية ورؤية سياسية جديدة.