أقسام المدونة

الأحد، 21 أبريل 2013

لماذا يفعل عصام العريان ذلك؟!!


امريكا وهى دولة عظمى وتمتلك جهاز امنى قوى جدا الا انها مازالت ضعيفة داخليا فيوم الإثنين الماضي، هزّ انفجاران مدينة بوسطن الأمريكية -لم يفصلهما سوى ثوانٍ قليلة- مخلّفين وراءهما ثلاث ضحايا، بما في ذلك طفل في الثامنة من عمره، بينما تجاوز أعداد المصابين الـ100، ولكن أهم من الجُرح المادي، أعاد ذلك العمل الإجرامي إحياء جُرح معنوي حاول الأمريكيون نسيانه، والحديث هنا موجّه لأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.

العديد من المحلّلين والخبراء السياسيين حول العالم، تناولوا انفجارات بوسطن من زوايا مختلفة، منهم من رأى أن هذه الانفجارات قد يكون وراءها جماعة أو منظمة إرهابية دولية مثل القاعدة مثلا، أو أنها منظّمة أو جماعة إرهابية أمريكية محلية، أو أنها فعل من أفعال أحد المختلّين عقليا، والافتراض الأخير يبدو أنه مستوحى من العقلية الأمنية المصرية في التعامل مع الأحداث الإرهابية.

وإن كان أغلب الافتراضات التحليلية تذهب إلى أن تكون جماعة إرهابية وراء ذلك الحدث المشئوم، مع إعادة الأذهان إلى العمل الإرهابي الشهير بمدينة أوكلاهوما سيتي عام 1995 عندما نجح تيموثي ماكفي وأعوانه في تفجير مبنى حكومي وقتذاك، الأمر الذي نتج عنه قتل 160 شخصا وإصابة أكثر من 500 آخرين.

وإذا ما قرّبنا العدسة قريبا إلى مصر، نجد أن بعض المحلّلين والخبراء ورجال السياسية، تناولوا الحدث ذاته من زوايا عدّة مختلفة. وفي هذا السياق، وعلى صفحات فيسبوك، كتب عصام العريان -نائب رئيس حزب الحرية والعدالة- تحليلا سياسيا للحدث الأمريكي الإرهابي، مع ربطه ببعض الأحداث المشابهة الأخرى حول العالم. يرى العريان أن انفجارات بوسطن ما هي إلا حلقة من سلسلة كبيرة من الأحداث السياسية المتلاحقة، أو لنَقُل جزءا من مؤامرة كبيرة، بدأت بإرسال كتائب فرنسية إلى مالي بغرض محاربة تنظيمات يُشتبه ارتباطها بالقاعدة، مرورا بانفجارات "مريبة" في سوريا حادت عن مسار الثورة السورية "العظيمة"، على حد قوله، إلى جانب تفجيرات "قبيحة" في العراق تستهدف "حراكا سلميا" كان على وشك "تصحيح الأوضاع"، وصولا إلى حدث جلل في العاصمة الصومالية مقديشيو، لم يُسمّه في الحقيقة، وإن أسفر عن "اهتزاز ثقة الصوماليين برئيسهم وحكومتهم الجديدة"، وفي النهاية يذكر العريان "تعثّر" اتفاق تاريخي بين أردوغان وزعيم حزب العمال الكردستاني أوجلان، والذي كان من شأنه أن "يُنهي أشرس صراع إقليمي"، على حد قوله.

وفي آخر "التحليل السياسي"، يتساءل العريان، ولا نعرف إذا ما كان ذلك سؤالا نعرف إجابته مسبقا أم لا، بقوله: "من الذي يزعجه التحوّلات الديموقراطية رغم صعوبة الانتقال من الاستبداد والفساد والفقر والكراهية والتعصّب للحرية والعدل والتسامح والتنمية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية؟ من هؤلاء الذين غرسوا الإسلاموفوبيا عبر الأبحاث والصحافة والإعلام؟ من الذي يموّل العنف؟".

ولكن الغريب في الأمر، أن البيان الصحفي الرسمي لحزب الحرية والعدالة باللغة الإنجليزية، لم يتطرّق إلى نظرية المؤامرة التي حاكها العريان ببراعة، وإنما تطرّق فقط إلى إدانة العمل الإجرامي والتعبير عن التعاطف والتضامن مع الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي جعل صحيفة واشنطن بوست تفرد مقالة لتصريحات العريان، وذلك التباين بين تصريحاته باللغة العربية وتلك باللغة الإنجليزية، وكأن من يقرأون بالعربية لن يعرفوا ماذا يُكتب بالإنجليزية، والعكس بالعكس.

لن أقوم بتحليل كلمات العريان في رؤيته السياسية ونظرية المؤامرة التي يراها وراء أحداث بوسطن، لأن ذلك سيأخذ مساحة كبيرة، ولكن سنتساءل بدورنا: ألم تكن هناك دوما انفجارات "قبيحة" في العراق سواء كان هناك "حراك سلمي" من عدمه؟! ألم تهتز من قبل العاصمة الصومالية مقديشيو بانفجارات عديدة منذ أكثر من عقدين من الزمان، حتى في ظلّ حكومة ورئيس جديدين؟! أيضا، هل محاولة الوصول إلى اتفاق بين أوغلو وأوجلان جديدة؟ ألم يحاول حزب العدالة والتنمية منذ توليه السلطة في 2002 التوصّل إلى اتفاق مع حزب العمال الكردستاني؟ وأخيرا، ما الفرق بين انفجارات "مريبة" وأخرى "غير مريبة" في سوريا؟

وفي شأن متّصل، هل يُلمّح العريان إلى عدو مشترك بيننا وبين الولايات المتحدة الأمريكية يهدف إلى إظهار الإسلام على أنه أساس العنف في جميع الصراعات في العالم؟ أم أن الولايات المتحدة نفسها قد تكون السبب وراء تشويه الإسلام من خلال قيامها بنفسها بأحداث عنف مع الإشارة بأصابع الاتّهام إلى ضلوع تنظيمات إسلامية أو جماعات إرهابية إسلامية في تلك الأحداث؟

ما يُثير الحيرة حقا، أن العريان لم يُلمّح إلى كوريا الشمالية ضمن أجندة "اتهاماته" أو نظرية المؤامرة التي يراها، رغم أنها فعليا في الوقت الراهن على خلاف شديد مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن هل هذا له علاقة بأن كوريا الشمالية ليست إسلامية، لذا فإنها لا تُناسب مخطّطه التآمري؟ كما أن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تُسارع على مستوى رسمي باتّهام جماعات إرهابية إسلامية أو غيرها، وإنما صرّح أوباما بأنه ليس لديه أي معلومات عن منفّذي الانفجارات وأمر بتسخير كل الإمكانات لكشف الفاعلين.

بعض الصحف الأمريكية والعالمية المحدودة، اتّجهت بأصابع الاتّهام نحو إسلاميين راديكاليين، وإن استخدمت أسلوبا غير مباشر بالربط بين سعودي مصاب جرّاء التفجيرات والأحداث بوجه عام، ولكن هي صحف محدودة ولم تستخدم ذلك التصادف على مستوى كبير مثلما حدث في أحداث 11 سبتمبر، أو أعقابه مع أي حدث إرهابي عالمي آخر. كما لم يطلع علينا أي مسئول رسمي في الولايات المتحدة الأمريكية، سواء من أعضاء الكونجرس أو من إدارة أوباما يُلمّح بأن يكون هذا الحدث الإرهابي جزءا من نظرية مؤامرة كبيرة بدأت بمالي وانتهت في أمريكا، ولكن كما ذكرت سلفا، هناك اتجاه قوي بنسب الأحداث إلى مؤسسة أو جماعة تنظيمية محلية، مثلما حدث في تفجيرات أوكلاهوما قبل ما يقرب من عقدين من الزمان.